حكم التبرع بالاعضاء البشريه

من المعلوم ان النبى -صلى الله عليه وسلم - قد امر بالتداوى وقد قال حين سأله اعرابى : تداووا عباد الله فان الله لم يضع داء الا وضع له دواء غير داء واحد الهرم "وقال ايضا :" لكل داء دواء فاذا اصيب دواء الداء برئ باذن الله تعالى " وقال ايضا :" ما نزل من داء الا وله دواء علمه من علمه وجهله من جهله "وفى حديث آخر قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم-ارأيت ادوية نتداوى بها وتقاة نتقيها ورقى نستوقى بها هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال : هى من قدر الله
فهذه النصوص وما جرى مجراها تبين لنا ان الله سبحانه وتعالى شرع لنا ان ندفع الداء بكل ما يؤدى الى الشفاء ولا يعتبر هذا ردا لقدر الله عز وجل بل هو ايضا من قدر الله ذكر ذلك النبى -صلى الله عليه وسلم -
واذا كان الامر على ما ذكرنا فما هو حكم التبرع بالاعضاء البشرية عن طريق الهبه؟
اختلف العلماء فى ذلك على رأيين:
الرأى الاول : قال بحرمة التبرع بالاعضاء البشريه ومن ابرز العلماء الذين قالوا بالتحريم فضيله الشيخ محمد متولى الشعراوى رحمه الله واهم ما استدلوا به ما يأتى
قال تعالى " ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة "
وجه الاستدلال من الايه : ان الايه الكريمه قد دلت على تحريم القاء النفس فى التهلكه والتبرع بعضو من اعضاء الانسان مما يؤدى الى هلاك النفس او اضعاف العضو على اقل تقدير وهو منهى عنه كما ذكرت الايه الكريمه
قال تعالى " ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما "
وجه الاستدلال : ان الله سبحانه وتعالى قد نهى عن قتل النفس والتبرع بعضو قد يؤدى الى قتلها وهو منهى عنه
كما قالوا ان جسم الانسان ليس ملكا له وانما هو ملك لله تعالى فلا يملك حق التبرع بعضو من اعضائه لانه لا حق له فى جسده وانما هو امين عليه فقط وهذا يقتضى المحافظة عليه من كل ما يملكه او يؤذية ولهذا كانت عقوبة الانتحار الخلود فى النار فقد قال - صلى الله عليه وسلم -"من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده يتوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها ابدا"
ونوقش هذا الاستدلال : بأنه مع التسليم بأن كل ما فى الكون وما فى الارض وما فى يد الانسان ملك لله عز وجل كما قال تعالى :" ولله ملك السموات والارض وما فيهن وهو على كل شئ قدير "الا ان الانسان يملك حق التصرف والانتفاع فقد قال تعالى عن المال :" وآتوهم من مال الله الذى آتاكم"واباح لنا ان نتصرف فيه بالذكاه والصدقه والوصيه ونحو ذلك فلماذا لا يملك الانسان حق التصرف والانتفاع بما لا يضر جسده ولا يؤثر على حياته؟
الرأى الثانى : قال ان التبرع بالاعضاء البشرية على وجه الضرورة جائز اذا كان فى ذلك منفعه للغير وليس فبه ضرر للمتبرع ومن ابرز العلماء الذين قالوا بهذا الرأى الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الازهر السابق والدكتور سيد طنطاوى والدكتور يوسف القرضاوى وغيرهم كثير واهم ما استدلوا به ما يأتى :
ان الضرورة تدعوا الى جواز التبرع بالاعضاء اذ ان حياة المريض متوقفه على النقل قال تعالى فمن اضطر فى غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه
وقال تعالى :" وقد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطرتم اليه"
قالوا ايضا ان التبرع بالاعضاء من اجل مساعدة الاخرين يعتبر من اسمى الوان الايثار الذى مدحه الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم
قال تعالى " ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة" والمدح لا يكون الا على شئ جائز
ومن المتضح لنا الان ان الرأى الراجح هو جواز التبرع بالاعضاء البشرية لان حفظ النفوس من مقاصد الشرع فىالخلق واحيائها يعتبر من احسن القربات قال تعالى "ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا " واحياء النفس بكون حفظها من الهلاك
والله اعلم بالصواب

تسلمي على هذا الموضوع الجميل

في انتظار جديدك

تحياتي

وامنياتي بالتوفيق