حينما قال عقل الدولة العبرية (موشيه دايان) إن العرب أمة لا تقرأ وإن قرأت لا تفهم وإن فهمت لا تفعل وإن فعلت لا تخلص , كان صائباً في تشخيصه لحالة العرب الراكدة دون المسلمين , وهو الذي أخذ منهم في بضع ساعات أغلى ما يملكون , وليس هنالك ما هو أغلى من القدس .
ببالغ المرارة , ليس للقدس أي قيمة تذكر في قلوب العرب , قيمتها الوحيدة أنهم فرضوا بها بالسهولة التي لم تتصورها إسرائيل نفسها , عار التفريط غسله عار التناسي والتبرؤ منها , ولعل التذكير بهذا التفريط والتنكر , ليس من قبيل جلد الذات , فلا أحد ينازع العرب في مهنة الجلد , فالعرب أمة الجلد واللطم , بمناسبة وغير مناسبة , إنما كشفاً وتنويراً لظلمة هذا الطريق , طريق الحرب والسلم مع إسرائيل .
طريق السلام يقتضي إلغاء طريق الحرب , والغالب أن العرب يتاجرون بشعارات السلام تلفيقاً وتدجيلاً على أنفسهم وشعوبهم , في حين تتباهى إسرائيل أمام بنيها بشعارات الحرب والسحق , فلو رفعت إسرائيل راية السلام ورفع العرب راية الحرب , نكون أمام واقع كذبه المرير لا ينطلي حتى على البهائم .
يدعي العرب بغباء فاضح , الحفاظ على طهارتهم ونقاوتهم من رجس الصهاينة , فيما البغاء والرياء يلفهم طولاً وعرضاً , وتجاه بعضهم بعضاً , كما يدعون أنهم لا يفرضون بحبة رمل واحدة , فيما بعضهم يبيع أرضه لإسرائيل في وضح النهار .
من حق القارئ أن يلوم كاتب هذه السطور, بالسؤال مَن هم العرب ؟ أهم الشعوب التائهة أم هم الأنظمة التافهة ؟ للأسف أنهم الاثنان معاً , ولتدرك هذه الشعوب صوابها , عليها أن تنظر صوب إسرائيل باستمرار , لتقارن بين حالها وحال إسرائيل , أين وصلت في ذكراها الستين ؟ .
النظر بعيداً نحو أميركا وأوروبا , يجب أن يصبح قريباً نحو إسرائيل , فالتاريخ الأميركي أشد عداوة من إسرائيل , والتاريخ الأوروبي أكثر استعمارية من إسرائيل , ومع ذلك يتهافت العرب صغاراً وكباراً نحو هاتين البقعتين من العالم , فالندب التي تركتها أوروبا في الجسد العربي لا تزال معالمها بائنة , وكذلك أميركا التي تحتل العراق برضا أهله .
لماذا يرحل العربي التائه إلى أميركا التي بنت بهاء قوتها ومجد حضارتها من أشلاء الهنود وجماجم الأفارقة, ولا يقصد إسرائيل التي لم تبن من جماجمنا وأشلائنا مما بنته أميركا من غيرنا ؟ أليس تاريخ الدولة الأميركية يتطابق إلى حد التماهي مع تاريخ الدولة العبرية , قيماً وثقافة ؟.
قد يبقى العرب أمة لا تقرأ ولا تفهم , لكنهم إذا غيروا طريقهم من أميركا إلى إسرائيل , سيصبحون أمة تفعل من دون خجل أو دجل , تفعل ما لم يكن يتوقعه الإسرائيليون الأوائل , تفعل السلام والحرب معاً , ولها الخيار في ذلك ,
فهل ترحل ؟؟ .
قديماً قال إسرائيليو الشتات, بيت يعقوب تعالوا لنرحل, ورحلوا رغماً عن أنوف العرب, هل تسير أمة محمد (ص) بالاتجاه المعاكس وترحل ؟ سؤال سيكرر نفسه أمام العرب في كل حين